فصل: الباب الثالث في الدعوى والخصومة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.الباب الثالث في الدعوى والخصومة:

رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ، ثُمَّ ادَّعَى الْكَفِيلُ أَنَّ الْأَلْفَ الَّتِي كَفَلَ بِهَا قِمَارٌ، أَوْ ثَمَنُ خَمْرٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَكُونُ وَاجِبًا لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْمَكْفُولِ لَهُ بِذَلِكَ، وَالْمَكْفُولُ لَهُ يَجْحَدُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَحْلِفَ الطَّالِبُ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَلَوْ أَقَامَ الْكَفِيلُ الْبَيِّنَةَ عَلَى إقْرَارِ الطَّالِبِ بِذَلِكَ لَا تُسْمَعُ الْبَيِّنَةُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَانَ الْكَفِيلُ أَدَّى الْمَالَ إلَى الطَّالِبِ وَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ، وَالطَّالِبُ غَائِبٌ فَقَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ كَانَ الْمَالُ قِمَارًا، أَوْ ثَمَنَ مَيْتَةٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ عَلَى الْكَفِيلِ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَيُؤْمَرُ بِأَدَاءِ الْمَالِ إلَى الْكَفِيلِ وَيُقَالُ لَهُ اُطْلُبْ خَصْمَك وَخَاصِمْهُ فَإِنْ حَضَرَ الطَّالِبُ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الْمَالَ مِنْ الْكَفِيلِ فَأَقَرَّ الطَّالِبُ عِنْدَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَالَ كَانَ ثَمَنَ خَمْرٍ، أَوْ مَا أَشْبَهَ ذَلِكَ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَالْكَفِيلُ جَمِيعًا فَلَوْ أَنَّ الْقَاضِيَ أَبْرَأَ الْكَفِيلَ، ثُمَّ حَضَرَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَقَرَّ أَنَّ الْمَالَ مِنْ قَرْضٍ أَوْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَصَدَّقَهُ الطَّالِبُ لَزِمَهُ الْمَالُ وَلَا يُصَدَّقَانِ عَلَى الْكَفِيلِ، وَالْحَوَالَةُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
ثَلَاثَةُ نَفَرٍ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ غَيْرُ مُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمْ فَشَهِدَ اثْنَانِ مِنْهُمْ لِلثَّالِثِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ الْمَطْلُوبِ تُقْبَلُ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ كَفَالَةً بِنَفْسٍ، أَوْ مَالٍ وَجَاءَ بِشَاهِدَيْنِ شَهِدَا وَاخْتَلَفَا فِي الزَّمَانِ، أَوْ الْمَكَانِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةَ، وَإِنْ أَتَّفَقَا فِي الزَّمَانِ، وَالْمَكَانِ وَاخْتَلَفَا فِي الْأَجَلِ وَكَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا: كَفَلَ بِهِ إلَى شَهْرٍ وَقَالَ الْآخَرُ: إلَى شَهْرَيْنِ فَإِنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَقْرَبَ الْأَجَلَيْنِ فَالْقَاضِي يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ لَا يَقْبَلُ شَهَادَتَهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ الشَّاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِهَذَا عَنْ فُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ إلَى سَنَةٍ وَقَالَ الْآخَرُ هِيَ حَالَّةٌ، وَالطَّالِبُ يَدَّعِي أَنَّهَا حَالَّةٌ وَجَحَدَ الْكَفِيلُ الْكَفَالَةَ، أَوْ أَقَرَّ بِهَا وَادَّعَى الْأَجَلَ فَالْمَالُ عَلَيْهِ حَالٌّ فِي الْوَجْهَيْنِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَجَلِ شَهْرٍ، وَالْآخَرُ بِأَجَلِ شَهْرَيْنِ ذَكَرَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ فِي شَرْحِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى التَّفْصِيلِ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُدَّعِي يَدَّعِي أَقْرَبَ الْأَجَلَيْنِ قُبِلَتْ الشَّهَادَةُ، وَإِنْ كَانَ يَدَّعِي أَبْعَدَ الْأَجَلَيْنِ لَا تُقْبَلُ وَذَكَرَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ فِي شَرْحِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ أَنَّ هَذِهِ الشَّهَادَةَ مَقْبُولَةٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى الْكَفَالَةِ مُعَايَنَةً وَشَهِدَ الْآخَرُ عَلَى إقْرَارِ الْكَفِيلِ بِالْكَفَالَةِ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا، وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى الْكَفَالَةِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَاخْتَلَفَا فِي اللَّفْظِ فَقَالَ أَحَدُهُمَا كَفَلَ بِهَا وَقَالَ الْآخَرُ ضَمِنَهَا أَوْ قَالَ أَحَدُهُمَا إنَّهُ قَالَ هِيَ إلَيَّ وَقَالَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ هِيَ عَلَيَّ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
إذَا ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ مَالًا مُعَيَّنًا بِسَبَبِ كَفَالَتِهِ لَهُ عَنْ رَجُلٍ وَلَمْ يُبَيِّنْ نَسَبَ الْمَكْفُولِ عَنْهُ هَلْ تَصِحُّ دَعْوَاهُ حَكَى فَتْوَى شَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْأُوزْجَنْدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ لَا تَصِحُّ الدَّعْوَى وَهَكَذَا كَانَ يُفْتِي ظَهِيرُ الدِّينِ الْمَرْغِينَانِيُّ وَذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْكَفَالَةِ وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ لِهَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِ رَجُلٍ لَا نَعْرِفُهُ بِاسْمِهِ وَلَكِنَّا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَيُؤَاخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ لَا نَعْرِفُهُ بِوَجْهِهِ أَيْضًا يُؤَاخَذُ الْكَفِيلُ وَيُقَالُ لِلْكَفِيلِ بَيِّنْ فَإِنْ أَحْضَرَ الْكَفِيلُ رَجُلًا وَقَالَ الْمَكْفُولُ بِهِ هَذَا وَصَدَّقَهُ الطَّالِبُ فِي ذَلِكَ فَبِهَا وَنِعْمَتْ وَلَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ يَمِينٌ، وَإِنْ كَذَّبَهُ يُعْتَبَرُ فِيهِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ فِي دَعْوَى الْكَفَالَةِ لَا يُشْتَرَطُ تَسْمِيَةُ الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَذِكْرُ نَسَبِهِ وَقَدْ قِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا تَصْلُحُ دَلِيلًا؛ لِأَنَّ وَضْعَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْكَفَالَةَ وَقَعَتْ عَنْ شَخْصٍ مُعَيَّنٍ إلَّا أَنَّ الشُّهُودَ لَا يَعْرِفُونَهُ وَلَا يَذْكُرُونَ نَسَبَهُ فَتَكُونُ هَذِهِ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً عَنْ شَخْصٍ مَعْلُومٍ فِي نَفْسِهِ وَمَوْضُوعُ مَا حُكِيَ عَنْ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ أَنَّ الْمُدَّعِيَ قَالَ إنَّ هَذَا الرَّجُلَ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ فَتَكُونُ الْكَفَالَةُ عَنْ شَخْصٍ مَجْهُولٍ فِي نَفْسِهِ فَلَا تَصِحُّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ غَيْرَ أَنَّ أَحَدَهُمَا قَالَ الْمَكْفُولُ عَنْهُ زَيْدٌ وَقَالَ الْآخَرُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ عَمْرٌو لَا تُقْبَلُ الشَّهَادَةُ ادَّعَى الطَّالِبُ كَفَالَةَ أَحَدِهِمَا أَوْ كَفَالَتَهُمَا، وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ قَبْلَ رَجُلٍ كَفَالَةً بِنَفْسِ رَجُلَيْنِ وَأَقَامَ الشَّاهِدَيْنِ فَشَهِدَا عَلَى كَفَالَةِ أَحَدِهِمَا وَاخْتَلَفَا فِي الْآخَرِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا عَلَى كَفَالَتِهِ وَشَكَّ الْآخَرُ فِيهِ فَقَالَ لَا نَدْرِي أَهُوَ أَمْ غَيْرُهُ فَإِنَّ الْكَفِيلَ يُؤْخَذُ بِكَفَالَةِ الَّذِي أَجْمَعَا عَلَى كَفَالَتِهِ وَلَا يُقْضَى بِكَفَالَةِ الْآخَرِ.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ لِأَبِيهِمَا وَلِفُلَانٍ بِنَفْسِ فُلَانٍ كَانَتْ الشَّهَادَةُ بَاطِلَةً؛ لِأَنَّهُمَا شَهِدَا بِلَفْظٍ وَاحِدٍ وَقَدْ بَطَلَتْ شَهَادَتُهُمَا فِي حَقِّ أَبِيهِمَا فَبَطَلَتْ فِي حَقِّ الْآخَرِ أَيْضًا.
وَإِذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ لِفُلَانٍ بِنَفْسِ فُلَانٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ غَدًا فَعَلَيْهِ مَا عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَالشَّهَادَةُ جَائِزَةٌ فَإِنْ شَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِالْإِيفَاءِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَهُوَ بَرِيءٌ عَنْ الْكَفَالَةِ، وَإِنْ اخْتَلَفَا فِي الْمَالِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِخَمْسِمِائَةٍ وَاتَّفَقَا عَلَى الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ فَالْقَاضِي يَقْضِي بِالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ؛ لِأَنَّهُمَا لَمْ يَخْتَلِفَا فِيهَا، وَفِي الْكَفَالَةِ بِالْمَالِ اخْتَلَفَا وَاخْتِلَافُ الشَّاهِدَيْنِ فِي الْمَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ يَمْنَعُ قَبُولَ الشَّهَادَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى سَوَاءٌ ادَّعَى الطَّالِبُ أَقَلَّ الْمَالَيْنِ، أَوْ أَكْثَرَهُمَا.
فَإِنْ اخْتَلَفَ الشَّاهِدَانِ بِالْمَالِ فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِدَرَاهِمَ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِدَنَانِيرَ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ ادَّعَى الطَّالِبُ أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ أَوْ جَمِيعًا، وَإِنْ اتَّفَقَا فِي الْمَالِ أَنَّهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ إلَّا أَنَّهُمَا اخْتَلَفَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا قَرْضٌ وَقَالَ الْآخَرُ ثَمَنُ مَبِيعٍ وَادَّعَى الْمُدَّعِي أَنَّهُ ثَمَنُ مَبِيعٍ فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي لَهُ بِشَيْءٍ إلَّا أَنْ يُوَفَّقَ وَيَقُولَ كَانَ لِي عَلَيْهِ مِنْ ثَمَنِ بَيْعٍ إلَّا أَنَّهُ أَقَرَّ بَيْنَ يَدَيْ شَاهِدٍ آخَرَ أَنَّهُ مِنْ قَرْضِ هَذَا إذَا ادَّعَى الْمُدَّعِي أَحَدَ الصِّنْفَيْنِ، وَإِنْ ادَّعَى الصِّنْفَيْنِ جَمِيعًا قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا وَقُضِيَ لَهُ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، وَلَوْ كَانَ الشَّاهِدَانِ كَفِيلَيْنِ بِالْمَالِ عَنْ صَاحِبِ الْأَقَلِّ لَمْ تَجُزْ شَهَادَتُهُمَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
هِشَامٌ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدًا رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ رَجُلٍ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِ فُلَانٍ فَأَنْكَرَهُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِهِ وَأَلْزَمَهُ الْكَفَالَةَ، ثُمَّ إنَّ الْكَفِيلَ أَقَامَ بَيِّنَةً أَنَّهُ كَفَلَ بِنَفْسِهِ بِأَمْرِهِ قَالَ لَا أَقْبَلُ بَيِّنَتَهُ كَذَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ رَجُلٌ ضَمِنَ عَنْ رَجُلٍ بِمَا قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ، ثُمَّ غَابَ الْمَكْفُولُ بِهِ فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً عَلَى الْكَفِيلِ أَنَّ لَهُ عَلَى الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ لَا يُقْضَى لَهُ بِذَلِكَ لَا عَلَى الْكَفِيلِ وَلَا عَلَى الْأَصِيلِ؛ لِأَنَّهُ ادَّعَى كَفَالَةً غَيْرَ لَازِمَةٍ؛ لِأَنَّ لُزُومَهَا مُعَلَّقٌ بِالْقَضَاءِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَمْ يَثْبُتْ ذَلِكَ بَعْدُ حَتَّى لَوْ قَالَ الطَّالِبُ إنِّي قَدَّمْتُ الْمَطْلُوبَ إلَى فُلَانٍ الْقَاضِي وَأَقَمْت عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ بَعْدَ الْكَفَالَةِ وَقَضَى لِي عَلَيْهِ بِذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْكَفِيلُ فَأَقَامَ الطَّالِبُ الْبَيِّنَةَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ قَضَى الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْأَلْفِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَلَوْ بَرْهَنَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّ لَهُ عَلَى فُلَانٍ الْغَائِبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَأَنَّ هَذَا كَفَلَ لِي عَنْهُ بِأَمْرِهِ يَقْضِي الْقَاضِي بِالْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَثَبَتَ أَمْرُهُ فَيَرْجِعُ الْكَفِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى الْآمِرِ، وَإِنْ ادَّعَى الْكَفَالَةَ بِغَيْرِ أَمْرِهِ قَضَى الْقَاضِي بِالْمَالِ عَلَى الْكَفِيلِ دُونَ الْأَصِيلِ، وَلَوْ قَالَ كَفَلْتَ لِي عَنْ فُلَانٍ بِكُلِّ مَا لِي عَلَيْهِ وَأَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَبَرْهَنَ عَلَى الْمَالِ وَالْكَفَالَةِ قَضَى عَلَيْهِ وَعَلَى الْغَائِبِ ادَّعَى الْأَمْرَ أَمْ لَا إلَّا أَنَّهُ إذَا كَانَ بِأَمْرٍ يَرْجِعُ، وَإِلَّا لَا كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ عَلَى شَهَادَةِ شَاهِدَيْنِ عَلَى الْكَفَالَةِ وَقَالَا لَا نَعْرِفُ الْكَفِيلَ وَالْمَكْفُولَ عَنْهُ وَلَكِنْ أَشْهَدْنَا فُلَانٌ عَلَى شَهَادَتِهِمَا أَنَّ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ كَفَلَ لِهَذَا الرَّجُلِ بِنَفْسِ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْفُلَانِيِّ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُمَا فَبَعْدَ ذَلِكَ إنْ أَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْكَفَالَةُ أَنَّهُ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ يُؤَاخَذُ بِهِ، وَإِنْ أَنْكَرَ يَحْتَاجُ الْمُدَّعِي إلَى شُهُودٍ يَشْهَدُونَ أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ الْفُلَانِيَّ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

.الباب الرابع في كفالة الرجلين:

رَجُلَانِ عَلَيْهِمَا أَلْفُ دِرْهَمٍ لِرَجُلٍ ثَمَنُ مَتَاعٍ أَوْ قَرْضٌ وَكَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا فَهُوَ عَنْهُ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ حَتَّى يَزِيدَ مَا يُؤَدِّيهِ عَلَى النِّصْفِ فَإِنْ زَادَ الْمُؤَدَّى عَلَى النِّصْفِ رَجَعَ بِالزِّيَادَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ قَالَ هَذَا مِمَّا كَفَلْت عَنْ صَاحِبِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ مَا لَمْ يُجَاوِزْ الْمُؤَدَّى حِصَّتَهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَانَ عَلَى رَجُلٍ أَلْفٌ فَتَكَفَّلَ رَجُلٌ عَنْهُ بِالْأَلْفِ كُلِّهِ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَتَكَفَّلَ عَنْهُ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ أَيْضًا، ثُمَّ تَكَفَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْكَفِيلَيْنِ عَنْ الْآخَرِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ فَمَا أَدَّاهُ أَحَدُهُمَا وَقَعَ شَائِعًا عَنْهُمَا فَيَرْجِعُ عَلَى شَرِيكِهِ بِنِصْفِهِ كَذَا فِي شَرْحِ النَّافِعِ ثُمَّ يَرْجِعَانِ عَلَى الْأَصِيلِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ بِالْجَمِيعِ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ فَإِذَا أَبْرَأَ رَبُّ الْمَالِ أَحَدَهُمَا أَخَذَ الْآخَرَ بِالْجَمِيعِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا وَجَبَ عَلَى رَجُلَيْنِ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِالشِّرَاءِ فَكَفَلَ أَحَدُهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ وَلَمْ يَكْفُلْ الْآخَرُ عَنْهُ فَأَدَّى الْكَفِيلُ شَيْئًا وَقَالَ هَذَا مِمَّا كَفَلْت بِهِ عَنْ صَاحِبِي قُبِلَ قَوْلُهُ.
رَجُلَانِ اشْتَرَيَا مِنْ رَجُلٍ عَبْدًا بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ، ثُمَّ إنَّ الْبَائِعَ أَخَّرَ مَا عَلَى أَحَدِ الْمُشْتَرِيَيْنِ خَاصَّةً، ثُمَّ إنَّ هَذَا الَّذِي أَخَّرَ عَنْهُ أَدَّى نِصْفَ الْمَالِ وَقَالَ هَذَا مِمَّا كَفَلْت بِهِ عَنْ صَاحِبِي قُبِلَ قَوْلُهُ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ قَرْضٍ أَقْرَضَهُ، أَوْ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ بَاعَهُ وَكَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِنِصْفِ الْمَالِ وَكَفَلَ رَجُلٌ آخَرُ بِالنِّصْفِ الْآخَرِ كَفَالَتَيْنِ مُتَفَرِّقَتَيْنِ، أَوْ كَفَالَةً وَاحِدَةً فَأَدَّى الْأَصِيلُ خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا كَانَ الْمُؤَدَّى عَنْهُمَا، وَلَوْ قَالَ هَذَا مِمَّا كَفَلَ فُلَانٌ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَلْفُ مُتَفَرِّقًا عَلَى الْأَصِيلِ بِأَنْ كَانَ مِنْ قَرْضَيْنِ، أَوْ بَيْعَيْنِ أَوْ كَانَا مَالَيْنِ وَجَبَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِنْ قَرْضِ الْآخَرِ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَكَفَلَ أَحَدُ الْكَفِيلَيْنِ بِأَحَدِ الْمَالَيْنِ وَكَفَلَ الْكَفِيلُ الْآخَرُ بِالْمَالِ الْآخَرِ فَأَدَّى الْأَصِيلُ خَمْسَمِائَةٍ وَقَالَ هِيَ مِنْ الَّتِي كَفَلَ بِهَا فُلَانٌ وَفُلَانٌ فَهُوَ عَلَى مَا قَالَ، وَإِذَا كَانَ بِإِحْدَى الخَمْسِمِائَتَيْن كَفِيلٌ فَأَدَّى الْأَصِيلُ خَمْسَمِائَةٍ وَقَالَ أَدَّيْتهَا عَنْ الْكَفَالَةِ قُبِلَ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْأَلْفُ مِنْ بَيْعٍ، ثُمَّ إنَّ صَاحِبَ الْمَالِ جَعَلَ نِصْفَ الْمَالِ إلَى سَنَةٍ، أَوْ وَجَبَ نِصْفُ الْأَلْفِ مِنْ الِابْتِدَاءِ حَالًّا وَوَجَبَ النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْ الِابْتِدَاءِ مُؤَجَّلًا إلَى سَنَةٍ وَكَفَلَ بِكُلِّ نِصْفٍ كَفِيلٌ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ إنَّ الْأَصِيلَ أَدَّى خَمْسَمِائَةٍ وَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا فَهُوَ عَنْ الْكَفِيلِ الَّذِي كَفَلَ عَنْ الْحَالِّ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِذَا قَالَ هِيَ عَنْ الْكَفِيلِ الَّذِي كَفَلَ بِالْمُؤَجَّلِ قُبِلَ قَوْلُهُ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
إذَا كَفَلَ رَجُلَانِ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنَّ الْمَالَ عَلَى أَحَدِهِمَا إلَى سَنَةٍ وَعَلَى الْآخَرِ إلَى سَنَتَيْنِ فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ حَلَّ عَلَى صَاحِبِ السَّنَةِ فَأَدَّاهُ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْكَفِيلِ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْمُتَفَاوِضَانِ إذَا افْتَرَقَا فَلِأَصْحَابِ الدُّيُونِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدَّيْنِ وَلَا يَرْجِعُ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَكْثَرَ مِنْ النِّصْفِ فَيَرْجِعُ بِالزِّيَادَةِ.
الْمُكَاتَبَانِ كِتَابَةً وَاحِدَةً إذَا كَفَلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ الْقِيَاسُ أَنْ لَا يَصِحَّ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَصِحُّ، ثُمَّ لَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا شَيْئًا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا حَتَّى أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا جَازَ الْعِتْقُ وَبَرِئَ عَنْ النِّصْفِ وَلِلْمَوْلَى أَنْ يَأْخُذَ بِحِصَّةِ الَّذِي لَمْ يُعْتَقْ أَيَّهُمَا شَاءَ فَإِنْ أَخَذَ الَّذِي أُعْتِقَ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ، وَإِنْ أَخَذَ الْآخَرَ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى الْمُعْتَقِ بِشَيْءٍ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلصَّدْرِ الشَّهِيدِ حُسَامِ الدِّينِ.
كَفَلَ ثَلَاثَةٌ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَأَدَّى أَحَدُهُمَا بَرِئُوا جَمِيعًا وَلَمْ يَرْجِعْ أَحَدُهُمْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ وَلَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ كَفِيلًا عَنْ صَاحِبِهِ فَأَدَّاهَا أَحَدُهُمْ رَجَعَ الْمُؤَدِّي عَلَيْهِمَا بِالثُّلُثَيْنِ وَلِصَاحِبِ الْمَالِ أَنْ يُطَالِبَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِأَلْفٍ هَذَا إذَا ظَفِرَ بِالْكَفِيلَيْنِ فَإِنْ ظَفِرَ بِأَحَدِهِمَا رَجَعَ عَلَيْهِ بِالنِّصْفِ، ثُمَّ رَجَعَا عَلَى الثَّالِثِ بِالثُّلُثِ فَإِنْ ظَفِرَا بِالْغَائِبِ رَجَعَ كُلُّ وَاحِدٍ بِالسُّدُسِ، ثُمَّ رَجَعُوا جَمِيعًا عَلَى الْأَصِيلِ بِالْأَلْفِ فَإِنْ ظَفِرَ بِالْأَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يَظْفَرَ بِصَاحِبِهِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِجَمِيعِ الْأَلْفِ.
قَالَ أَبُو يُوسُف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إذَا أَقَرَّ رَجُلَانِ لِرَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ بِهَذَا الْمَالِ أَيَّهمَا شَاءَ فَهَذَا بِمَنْزِلَةِ كَفَالَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

.الباب الخامس في كفالة العبد والذمي:

لَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْعَبْدِ بِالنَّفْسِ، وَالْمَالِ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى إلَّا أَنْ يُعْتَقَ فَيُؤْخَذَ بِهِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ، وَالْإِذْنُ بِالتِّجَارَةِ لَا يَكُونُ إذْنًا بِالْكَفَالَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا أَذِنَ الْمَوْلَى فِي الْكَفَالَةِ فَكَفَلَ عَنْ الْمَوْلَى، أَوْ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِمَالٍ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ سَوَاءٌ كَانَ الْعَبْدُ تَاجِرًا، أَوْ كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ، وَالْمُدَبَّرَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَتُبَاعُ رَقَبَتُهُ بِالْكَفَالَةِ بِالدَّيْنِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ قَدْ كَفَلَ عَنْ الْمَوْلَى، أَوْ عَنْ أَجْنَبِيٍّ بِمَالٍ بِإِذْنِ الْمَوْلَى لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ مَادَامَ رَقِيقًا فَإِذَا أُعْتِقَ لَزِمَهُ ذَلِكَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَمَّا كَفَالَةُ الْمَوْلَى عَنْ الْعَبْدِ فَتَصِحُّ سَوَاءٌ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ، أَوْ بِالْمَالِ وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ، أَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَلَا تَجُوزُ كَفَالَةُ الْمُكَاتَبِ عَنْ الْأَجْنَبِيِّ سَوَاءٌ أَذِنَ لَهُ الْمَوْلَى أَوْ لَمْ يَأْذَنْ لَكِنَّهَا تَنْعَقِدُ حَتَّى يُطَالَبَ بَعْدَ الْعَتَاقِ وَلَوْ كَفَلَ الْمُكَاتَبُ عَنْ الْمَوْلَى جَازَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
مَنْ ضَمِنَ عَنْ عَبْدٍ مَالًا يُؤْخَذُ بِهِ بَعْدَ عِتْقِهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِاسْتِهْلَاكِ مَالٍ وَكَذَّبَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ أَقْرَضَهُ سَيِّدُهُ، أَوْ بَاعَهُ، وَهُوَ مَحْجُورٌ وَلَمْ يُسَمِّ حَالًّا، أَوْ غَيْرَ حَالٍّ يُؤْخَذُ بِهِ الْكَفِيلُ حَالًّا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَكَذَا إذَا أَوْدَعَهُ شَيْئًا فَاسْتَهْلَكَهُ، أَوْ وَطِئَ امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِهِ فِي الْحَالِ، وَإِذَا ضَمِنَهُ إنْسَانٌ وَلَمْ يُبَيِّنْ أَنَّهُ حَالٌّ وَلَا غَيْرُهُ كَانَ عَلَى الْكَفِيلِ حَالًّا كَذَا فِي الْبَحْرِ الرَّائِقِ ثُمَّ إذَا أَدَّى عَنْهُ يَرْجِعُ بِهِ بَعْدَ الْعِتْقِ إنْ كَانَ بِأَمْرِهِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ ادَّعَى عَلَى عَبْدِ رَجُلٍ دَيْنًا وَكَفَلَ رَجُلٌ بِنَفْسِ الْعَبْدِ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ بَرِئَ الْكَفِيلُ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ ادَّعَى عَلَى ذِي الْيَدِ رَقَبَةَ الْعَبْدِ فَكَفَلَ بِنَفْسِ الْعَبْدِ رَجُلٌ، ثُمَّ مَاتَ الْعَبْدُ فَأَقَامَ الْمُدَّعِي الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ كَانَ لَهُ ضَمِنَ الْكَفِيلُ قِيمَتَهُ، وَلَوْ ثَبَتَ مِلْكُ الْمُدَّعِي بِإِقْرَارِ ذِي الْيَدِ أَوْ بِنُكُولِهِ عَنْ الْحَلِفِ وَقَدْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِ ذِي الْيَدِ قُضِيَ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُ عَلَى الْكَفِيلِ شَيْءٌ مِمَّا يَلْزَمُ عَلَى الْأَصِيلِ إلَّا إذَا أَقَرَّ الْكَفِيلُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْأَصِيلُ، وَذَكَرَ الْإِمَامُ التُّمُرْتَاشِيُّ وَلَا يُصَدَّقُ ذُو الْيَدِ فِي مَوْتِ الْعَبْدِ وَيُحْبَسُ هُوَ، وَالْكَفِيلُ فَإِنْ طَالَ الْحَبْسُ ضَمِنَ الْقِيمَةَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
يَجِبُ أَنْ يُعْلَمَ بِأَنَّ أَهْلَ الذِّمَّةِ وَأَهْلَ الْإِسْلَامِ فِي حُكْمِ الْكَفَالَةِ عَلَى السَّوَاءِ إلَّا فِي الْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ فَإِذَا كَانَ لِلذِّمِّيِّ خَمْرٌ عَلَى ذِمِّيٍّ مِنْ قَرْضٍ أَوْ غَصْبٍ فَكَفَلَ بِهِ ذِمِّيٌّ جَازَ فَإِنْ أَسْلَمَ أَحَدُهُمْ (فَهَذَا عَلَى وُجُوهٍ) أَمَّا إنْ أَسْلَمَ الطَّالِبُ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الْخَمْرِ وَعَنْ قِيمَتِهَا عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ الْمَطْلُوبُ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَبْرَأُ عَنْ الْخَمْرِ وَعَنْ قِيمَتِهَا وَيَبْرَأُ الْكَفِيلُ بِبَرَاءَتِهِ وَهَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَوَى زُفَرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ عَلَى الْمَطْلُوبِ قِيمَةَ الْخَمْرِ، وَالْكَفِيلُ عَلَى كَفَالَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَأَمَّا إنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ خَاصَّةً فَفِي هَذَا الْوَجْهِ يَسْقُطُ الْخَمْرُ أَصْلًا عَنْ الْكَفِيلِ لَا إلَى بَدَلٍ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى آخِرًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الطَّالِبُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْكَفِيلِ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ، وَإِنْ شَاءَ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ بِعَيْنِ الْخَمْرِ، وَإِنْ أَسْلَمُوا جَمِيعًا سَقَطَ الْخَمْرُ لَا إلَى بَدَلٍ وَكَذَلِكَ إنْ أَسْلَمَ الطَّالِبُ وَالْكَفِيلُ وَأَسْلَمَ الطَّالِبُ وَالْأَصِيلُ سَقَطَ الْخَمْرُ لَا إلَى بَدَلٍ وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ وَالْأَصِيلُ سَقَطَ الْخَمْرُ لَا إلَى بَدَلٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى آخِرًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَ أَيَّهمَا شَاءَ، وَإِذَا كَانَ الْخَمْرُ مِنْ ثَمَنِ مَبِيعٍ وَأَسْلَمَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ فَقَدْ بَرِئَ الْكَفِيلُ عَنْ الْخَمْرِ وَقِيمَتِهَا بِالْإِجْمَاعِ.
وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ فَالطَّالِبُ يُطَالِبُ الْمَطْلُوبَ بِعَيْنِ الْخَمْرِ وَيَبْرَأُ.
الْكَفِيلُ عَنْ الْخَمْرِ وَقِيمَتِهَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى آخِرًا، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَتَحَوَّلُ الْخَمْرُ إلَى الْقِيمَةِ فِي حَقِّهِ وَكَانَ لِلطَّالِبِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِقِيمَةِ الْخَمْرِ، وَإِنْ كَانَ الْخَمْرُ وَاجِبًا بِسَبَبِ السَّلَمِ.
ثُمَّ أَسْلَمَ الطَّالِبُ أَوْ الْمَطْلُوبُ بَطَلَ السَّلَمُ، وَإِذَا انْفَسَخَ السَّلَمُ بَرِئَ الْأَصِيلُ وَبَرَاءَةُ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ، وَإِنْ أَسْلَمَ الْكَفِيلُ بَرِئَ الْكَفِيلُ بِلَا خِلَافٍ وَبَقِيَ الْخَمْرُ لِلطَّالِبِ قِبَلَ الْمَطْلُوبِ عَلَى حَالِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَالْأَصْلُ أَنَّ إسْلَامَ الطَّالِبِ يُبْطِلُ الْخَمْرَ أَصْلًا؛ لِأَنَّ امْتِنَاعَ التَّسْلِيمِ جَاءَ مِنْ قِبَلِهِ لِإِسْلَامِهِ، وَإِسْلَامُ الْمَطْلُوبِ كَذَلِكَ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِتَعَذُّرِ التَّسْلِيمِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَبْطُلُ بَلْ يُحَوِّلُهُ إلَى الْقِيمَةِ؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مَا جَاءَ مِنْ قِبَلِ صَاحِبِ الْحَقِّ بَلْ جَاءَ مِنْ قِبَلِ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ بِإِسْلَامِهِ، وَالْكَفِيلُ مَطْلُوبٌ فِي حَقِّ الطَّالِبِ طَالِبٌ فِي حَقِّ الْمَطْلُوبِ.
نَصْرَانِيٌّ خَالَعَ نَصْرَانِيَّتَيْنِ عَلَى خَمْرٍ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ كَفِيلَةٌ فَأَسْلَمَ، أَوْ أَسْلَمُوا مَعًا بَرِئَتَا عَنْ الْكَفَالَةِ وَيَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا إلَى الْقِيمَةِ، وَإِنْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا يَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهَا قِيمَةً وَبَقِيَ مَا عَلَى الْآخَرِ خَمْرًا فَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الْقِيمَةَ لَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ.
وَإِنْ أَدَّتْ الْكَافِرَةُ جَمِيعَ الْخَمْرِ تَرْجِعُ عَلَى الْمُسْلِمَةِ بِقِيمَةِ مَا أَدَّتْ عَنْهَا مِنْ الْخَمْرِ، فَإِنْ أَسْلَمَتَا مَعًا وَلَمْ يُسْلِمْ الزَّوْجُ يَتَحَوَّلُ مَا عَلَى كُلِّ وَاحِدَةٍ قِيمَةً لِلْكَفَالَةِ وَالْأَصَالَةِ جَمِيعًا وَأَيَّتُهُمَا أَدَّتْ كُلَّ الْقِيمَةَ لَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ، وَلَوْ تَعَاقَبَتَا يَتَحَوَّلُ مَا عَلَيْهِمَا قِيمَةً، وَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الثَّانِيَةُ تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِمَا أَدَّتْ عَنْهَا، وَإِنْ أَدَّتْ الْمُسْلِمَةُ الْأُولَى فَلَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا، وَلَوْ أَسْلَمَتْ إحْدَاهُمَا، ثُمَّ الزَّوْجُ، ثُمَّ الْأُخْرَى تَحَوَّلَ كُلُّ مَا عَلَى الْأُولَى قِيمَةً وَلَا تَرْجِعُ عَلَى صَاحِبَتِهَا بِشَيْءٍ وَتَحَوَّلَ قِيمَةُ مَا عَلَى الْأُخْرَى أَصَالَةً وَبَطَلَ حَقُّ الزَّوْجِ فِيمَا عَلَيْهَا كَفَالَةً.
نَصْرَانِيٌّ صَالَحَ نَصْرَانِيَّتَيْنِ عَنْ دَمٍ لَهُ عَلَيْهِمَا عَلَى خَمْرٍ وَكَفَلَتْ كُلٌّ عَنْ الْأُخْرَى فَهِيَ كَالْخُلْعِ فِيمَا مَرَّ بِلَا تَفَاوُتٍ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ أَنَّ ذِمِّيًّا ادَّعَى عَلَى ذِمِّيٍّ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا وَكَفَلَ بِنَفْسِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُسْلِمٌ وَجَعَلَهُ وَكِيلًا فِي خُصُومَتِهِ ضَامِنًا لِمَا قُضِيَ لَهُ عَلَيْهِ جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ وَجَازَتْ الْوَكَالَةُ أَيْضًا وَلَكِنْ يُكْرَهُ فَإِنْ أُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ وَقُضِيَ بِالْخَمْرِ، وَالْخِنْزِيرِ هَلْ يَلْزَمُ الْكَفِيلَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى وَجْهَيْنِ؛ إنْ كَفَلَ بِهِ قَبْلَ هَلَاكِ الْخَمْرِ أَوْ الْخِنْزِيرِ فَفِي هَذَا الْوَجْهِ لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ، وَإِنْ كَفَلَ بَعْدَ هَلَاكِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَفِي الْخَمْرِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ، وَفِي الْخِنْزِيرِ إنْ قَضَى الْقَاضِي عَلَى الْأَصِيلِ بِقِيمَتِهِ دَرَاهِمَ، أَوْ دَنَانِيرَ لَزِمَ الْكَفِيلَ ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ الْقَاضِي عَلَيْهِ بِالْقِيمَةِ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَلْزَمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَا يَنْتَقِلُ عَنْ الْعَيْنِ إلَّا بِقَضَاءِ الْقَاضِي فَيَصِيرُ كَفِيلًا بِالْخِنْزِيرِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا الْحَقُّ يَنْتَقِلُ مِنْ الْعَيْنِ إلَى الْقِيمَةِ بِنَفْسِ الِاسْتِهْلَاكِ فَيَصِيرُ كَفِيلًا بِالْقِيمَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَكَفَالَةُ الْمُرْتَدِّ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهِ مَوْقُوفَةٌ، وَالْمُرْتَدَّةُ كَفَالَتُهَا جَائِزَةٌ بِالِاتِّفَاقِ كَسَائِرِ تَصَرُّفَاتِهَا فَإِنْ لَحِقَتْ بِدَارِ الْحَرْبِ وَسُبِيَتْ فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ تَبْطُلُ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْمَالِ وَلَهَا مَالٌ تَنْتَقِلُ إلَى الْمَالِ.
كَفَلَ حَرْبِيٌّ بِمَالٍ، أَوْ نَفْسٍ، ثُمَّ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ، ثُمَّ خَرَجَ مُسْتَأْمَنًا لَزِمَهُ.
كَفَلَ مُسْلِمٌ لِمُرْتَدٍّ بِنَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، ثُمَّ لَحِقَ الْمُرْتَدُّ بِدَارِ الْحَرْبِ فَوَرَثَتُهُ عَلَى حَقِّهِ فِي الْكَفَالَةِ، وَإِنْ رَجَعَ وَاسْتَوْفَى وَرَثَتُهُ بِقَضَاءٍ فَالْكَفِيلُ يَبْرَأُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.

.مسائل شتى:

الْكَفَالَةُ بِالدَّرَكِ جَائِزَةٌ وَهِيَ الْتِزَامُ تَسْلِيمِ الثَّمَنِ عِنْدَ اسْتِحْقَاقِ الْمَبِيعِ وَلَوْ كَفَلَ بِالدَّرَكِ فَاسْتُحِقَّ الْمَبِيعُ لَمْ يُؤَاخَذْ الْكَفِيلُ حَتَّى يَقْضِيَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
وَتَجُوزُ الْكَفَالَةُ بِنَفْسِ الْبَائِعِ فِي الدَّرَكِ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة نَاقِلًا عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ.
وَضَمَانُ الْعُهْدَةِ بَاطِلٌ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ شَرْحِ الْهِدَايَةِ وَصُورَتُهَا أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدًا مِنْ رَجُلٍ مَثَلًا فَضَمِنَ لِلْمُشْتَرِي رَجُلٌ بِالْعُهْدَةِ وَإِنَّمَا لَا تَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْعُهْدَةَ اسْمٌ مُشْتَرَكٌ قَدْ يَقَعُ عَلَى الصَّكِّ الْقَدِيمِ وَيُطْلَقُ عَلَى الْعَقْدِ وَعَلَى حُقُوقِ الْعَقْدِ وَعَلَى الدَّرَكِ وَعَلَى خِيَارِ الشَّرْطِ فَتَعَذَّرَ الْعَمَلُ بِهَا قَبْلَ الْبَيَانِ فَبَطَلَ الضَّمَانُ لِلْجَهَالَةِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَضَمَانُ الْخَلَاصِ بَاطِلٌ أَيْضًا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى؛ لِأَنَّ تَفْسِيرَهُ عِنْدَهُ تَخْلِيصُ الْمَبِيعِ عَنْ الْمُسْتَحِقِّ وَتَسْلِيمُهُ إلَى الْمُشْتَرِي لَا مَحَالَةَ فَهُوَ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِمَا لَا يَقْدِرُ عَلَى الْوَفَاءِ بِهِ، وَلَوْ ضَمِنَ تَخْلِيصَ الْمَبِيعِ أَوْ رَدَّ الثَّمَنِ صَحَّ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ بِمَا يُمْكِنُهُ الْوَفَاءُ، وَهُوَ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ إنْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ وَرَدُّ الثَّمَنَ إنْ لَمْ يُجِزْ الْمُسْتَحِقُّ كَذَا فِي الْكَافِي.
إذَا بَاعَ رَجُلٌ دَارًا مَثَلًا وَكَفَلَ رَجُلٌ لِلْمُشْتَرِي عَنْ الْبَائِعِ بِالدَّرَكِ فَكَفَالَتُهُ تَسْلِيمُ الْمَبِيعِ وَإِقْرَارٌ مِنْهُ أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِيهَا حَتَّى لَوْ ادَّعَى أَنَّ الدَّارَ مِلْكُهُ، أَوْ ادَّعَى الشُّفْعَةَ، أَوْ الْإِجَارَةَ لَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
وَلَوْ شَهِدَ وَخَتَمَ وَلَمْ يَكْفُلْ لَمْ يَكُنْ تَسْلِيمًا، وَهُوَ عَلَى دَعْوَاهُ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قَالَ مَشَايِخُنَا مَا ذُكِرَ مِنْ الْجَوَابِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كُتِبَ شَهِدَ فُلَانٌ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ، أَوْ كُتِبَ جَرَى الْبَيْعُ بِمَشْهَدِي، أَوْ كُتِبَ أَقَرَّ بِالْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ عِنْدِي أَمَّا إذَا كُتِبَ فِي الشَّهَادَةِ مَا يُوجِبُ صِحَّةَ الْبَيْعِ وَنَفَاذَهُ بِأَنْ كَانَ فِي صَكِّ الْبَيْعِ بَاعَ فُلَانٌ كَذَا، وَهُوَ يَمْلِكُهُ وَكَتَبَ هُوَ شَهِدَ بِذَلِكَ لَا تَصِحُّ دَعْوَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ كَذَا فِي النِّهَايَةِ.
وَإِذَا أَخَذَ الْكَفِيلُ بِالدَّرَكِ رَهْنًا فَالرَّهْنُ بَاطِلٌ وَلَا ضَمَانَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَمَنْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفٍ بِأَمْرِهِ فَأَمَرَهُ الْأَصِيلُ أَنْ يَتَعَيَّنَ عَلَيْهِ حَرِيرًا فَفَعَلَ فَالشِّرَاءُ لِلْكَفِيلِ، وَالرِّبْحُ الَّذِي رَبِحَهُ الْبَائِعُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ الْأَمْرُ بِبَيْعِ الْعَيِّنَةِ مِثْلَ أَنْ يَسْتَقْرِضَ مِنْ تَاجِرٍ عَشَرَةً فَيَتَأَبَّى عَلَيْهِ وَيَبِيعُ مِنْهُ ثَوْبًا يُسَاوِي عَشَرَةً بِخَمْسَةَ عَشَرَ مَثَلًا لِيَبِيعَهُ الْمُسْتَقْرِضُ بِعَشَرَةٍ وَيَتَحَمَّلُ خَمْسَةً كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ مَكْرُوهٌ كَذَا فِي الْكَافِي.
رَجُلٌ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِأَمْرِهِ بِأَلْفٍ عَلَيْهِ فَقَضَى الْأَصِيلُ الْكَفِيلَ فَلَا يَخْلُو إمَّا إنْ قَضَاهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ بِأَنْ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ وَقَالَ: إنِّي لَا آمَنُ أَنْ يَأْخُذَ الطَّالِبُ مِنْك حَقَّهُ فَخُذْهَا قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَقَبَضَهُ، أَوْ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ، وَهُوَ أَنْ يَقُولَ الْأَصِيلُ لِلْكَفِيلِ خُذْ هَذَا الْمَالَ وَادْفَعْ إلَى الطَّالِبِ فَلَيْسَ لِلْأَصِيلِ أَنْ يَسْتَرِدَّ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ، فَإِنْ تَصَرَّفَ الْكَفِيلُ فِيمَا قَبَضَ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ وَرَبِحَ فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّصَدُّقُ إلَّا أَنَّ فِيهِ نَوْعَ خُبْثٍ عَلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى إنْ أَدَّى الْأَصِيلُ الدَّيْنَ، وَأَمَّا إذَا قَضَاهُ الْكَفِيلُ فَلَا خُبْثَ فِيهِ أَصْلًا فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا، وَإِذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَالرِّبْحُ لَا يَطِيبُ لَهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَطِيبُ فَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ فِيمَا يَتَعَيَّنُ كَكُرِّ حِنْطَةٍ قَبَضَهُ الْكَفِيلُ مِنْ الْأَصِيلِ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى الطَّالِبِ وَتَصَرَّفَ فِيهِ فَالرِّبْحُ لَهُ فِي الْقَضَاءِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يُرَدَّ إلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ وَهَذَا أَصَحُّ إذْ رُدَّ عَلَيْهِ فَإِنْ كَانَ فَقِيرًا طَابَ لَهُ، وَإِنْ كَانَ غَنِيًّا فَفِيهِ رِوَايَتَانِ قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ الْأَشْبَهُ أَنْ يَطِيبَ لَهُ هَذَا إذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الِاقْتِضَاءِ، وَإِذَا قَبَضَهُ عَلَى وَجْهِ الرِّسَالَةِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- لَا يَطِيبُ لَهُ وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَطِيبُ لَهُ كَذَا فِي الْعِنَايَةِ.
إذَا أَرَادَ إنْسَانٌ أَنْ يَكْفُلَ بِنَفْسِ إنْسَانٍ وَلَا يَصِيرُ كَفِيلًا أَصْلًا فَالْحِيلَةُ فِيهِ عَلَى ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ أَنْ يَقُولَ الْكَفِيلُ عِنْدَ الْكَفَالَةِ كَفَلْت بِنَفْسِ فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ لَا أَكُونَ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ كَفِيلًا أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ لِنَفْيِهَا فِيمَا وَرَاءَ الشَّهْرِ فَلَا يَكُونُ كَفِيلًا لِلْحَالِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا كَفَلَ إلَى شَهْرٍ يَصِيرُ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ فَإِذَا كَفَلَ إلَى شَهْرٍ عَلَى أَنْ لَا يَكُونَ كَفِيلًا بَعْدَ الشَّهْرِ لَا يَكُونُ كَفِيلًا أَصْلًا كَذَا فِي الْفُصُولِ الْعِمَادِيَّةِ.
وَفِي مَجْمُوعِ النَّوَازِلِ رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَكَفَلَ بِهَا كَفِيلٌ فَقَالَ الْمَطْلُوبُ لِلطَّالِبِ إنَّ فُلَانًا قَدْ كَفَلَ لَك عَنِّي بِهَذِهِ الْأَلْفِ فَأَبْرِئْنِي عَنْهَا لِأَخْرُجَ مِنْ الْبَيْنِ وَتَبْقَى لَك الْخُصُومَةُ مَعَ الْكَفِيلِ فَأَبْرَأَهُ مِنْهَا يَبْرَأُ الْكَفِيلُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ بَرَاءَةَ الْأَصِيلِ تُوجِبُ بَرَاءَةَ الْكَفِيلِ وَهَذَا ضَرْبٌ مِنْ الْحِيَلِ فَيُجِبْ عَلَى الرَّجُلِ أَنْ يَعْلَمَ بِذَلِكَ حَتَّى لَا يُبْطِلَ حَقَّهُ، وَإِذَا كَفَلَ الرَّجُلُ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ بِأَمْرِهِ وَرَهَنَهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا فَهُوَ جَائِزٌ فَإِنْ هَلَكَ الرَّهْنُ فِي يَدِ الْكَفِيلِ صَارَ مُسْتَوْفِيًا لِمَا وَجَبَ لَهُ عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ حُكْمًا بِهَلَاكِ الرَّهْنِ، وَيَكُونُ الْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا اسْتَوْفَاهُ حَقِيقَةً كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ كَفَلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَمْ يُوَافِ بِهِ إلَى سَنَةٍ فَعَلَيْهِ الْمَالُ الَّذِي عَلَيْهِ، وَهُوَ أَلْفُ دِرْهَمٍ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِالْمَالِ رَهْنًا إلَى سَنَةٍ كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجِبْ الْمَالُ لِلْكَفِيلِ عَلَى الْأَصِيلِ بَعْدُ وَكَذَا لَوْ كَانَ الْكَفِيلُ قَالَ لِلطَّالِبِ فِي الْكَفَالَةِ إنْ مَاتَ فُلَانٌ وَلَمْ يُؤَدِّك الْمَالَ فَهُوَ عَلَيَّ، ثُمَّ أَعْطَاهُ الْمَكْفُولُ عَنْهُ رَهْنًا لَمْ يَجُزْ وَلَوْ أَبْرَأَهُ الطَّالِبُ عَنْ هَذِهِ الْكَفَالَةِ لَا يَجُوزُ وَيَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَلَى الْأَصِيلِ وَكُلُّ حَقٍّ لَا يَجُوزُ الرَّهْنُ بِهِ لَا يَجُوزُ الْإِبْرَاءُ عَنْهُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَكَّلَ رَجُلًا بِأَنْ يُعْطِيَ فُلَانًا كَفِيلًا بِنَفْسِ الْمُوَكِّلِ ضَامِنًا لِمَا ذَابَ عَلَيْهِ فَأَعْطَى فَقُضِيَ عَلَى الْمُوَكِّلِ بِمَالٍ لِلطَّالِبِ فَلِلطَّالِبِ أَنْ يَأْخُذَ الْكَفِيلَ وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ أَنْ يَأْخُذَ الْوَكِيلَ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ هَهُنَا بِمَنْزِلَةِ الرَّسُولِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ إيجَابُ الْعَقْدِ وَلَا قَبُولُهُ، وَإِنَّمَا وُجِدَ مِنْهُ مُجَرَّدُ الْأَمْرِ بِالْكَفَالَةِ عَنْ الْمَطْلُوبِ، وَالْآمِرُ بِالْعَقْدِ لَا يُؤَاخَذُ بِحُقُوقِ الْعَقْدِ كَذَا فِي مُحِيطِ السَّرَخْسِيِّ.
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ الْمَأْمُورَ بِدَيْنِهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْقَضَاءِ لَا يُجْبَرُ؛ لِأَنَّ قَوْلَ الْمَأْمُورِ كَانَ وَعْدًا، وَالْوَعْدُ غَيْرُ لَازِمٍ إلَّا إذَا قَبِلَ وَكَفَلَ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَفِي الْمُنْتَقَى عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرِوَايَةِ إبْرَاهِيمَ إذَا قَالَ ضَمِنْت لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ أَوْ قَالَ مَا فِي كِتَابِ الْقَاضِي فَهُوَ بَاطِلٌ وَلَوْ قَالَ ضَمِنْت لِفُلَانٍ عَنْ فُلَانٍ مَا عَلَيْهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ فَهُوَ جَائِزٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَمَنْ بَاعَ لِرَجُلٍ ثَوْبًا وَضَمِنَ لَهُ الثَّمَنَ، أَوْ مُضَارِبٌ ضَمِنَ ثَمَنَ مَتَاعٍ فَالضَّمَانُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّ الْكَفَالَةَ الْتِزَامُ الْمُطَالَبَةِ وَهِيَ إلَيْهِمَا فَيَصِيرُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا لِنَفْسِهِ وَكَذَلِكَ الرَّجُلَانِ بَاعَا عَبْدًا صَفْقَةً وَاحِدَةَ وَضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِنْ بَاعَا صَفْقَتَيْنِ بِأَنْ بَاعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفَهُ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ ضَمِنَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ حِصَّتَهُ مِنْ الثَّمَنِ صَحَّ الضَّمَانُ، وَالْوَكِيلُ بِالنِّكَاحِ إذَا ضَمِنَ الْمَهْرَ لِلْمَرْأَةِ، وَالرَّسُولُ فِي بَابِ الْبَيْعِ إذَا بَاعَ وَضَمِنَ الثَّمَنَ عَنْ الْمُشْتَرِي صَحَّ الضَّمَانُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَلَوْ ضَمِنَ لِامْرَأَةٍ مِنْ زَوْجِهَا بِنَفَقَةِ كُلِّ شَهْرٍ جَازَ وَلَيْسَ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْ الضَّمَانِ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ وَلَوْ ضَمِنَ أُجْرَةَ كُلِّ شَهْرٍ فِي الْإِجَارَةِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي رَأْسِ الشَّهْرِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّبَبَ فِي النَّفَقَةِ لَمْ يَتَجَدَّدْ عِنْدَ رَأْسِ الشَّهْرِ بَلْ يَجِبُ فِي الشُّهُورِ كُلِّهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ وَسَبَبُ الْأَجْرِ فِي الْإِجَارَةِ يَتَجَدَّدُ فِي كُلِّ شَهْرٍ لِتَجَدُّدِ الْعَقْدِ فَلَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَنْ الْكَفَالَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ كَذَا فِي الِاخْتِيَارِ شَرْحِ الْمُخْتَارِ.
فَإِنْ مَاتَ الْكَفِيلُ، ثُمَّ سَكَنَ الْمُسْتَأْجِرُ شَهْرًا بَعْدَ ذَلِكَ فَمَا لَزِمَ الْمُسْتَأْجِرَ لَزِمَ تَرِكَةَ الْكَفِيلِ وَلَا تَبْطُلُ الْكَفَالَةُ بِالْمَوْتِ كَمَا لَا تَبْطُلُ كَفَالَةُ الدَّرَكِ بِخِلَافِ النَّفْسِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَلَيْسَ لِلْكَفِيلِ بِالْأَجْرِ أَنْ يَأْخُذَ الْمُسْتَأْجِرَ قَبْلَ أَنْ يُؤَدِّيَ فَإِذَا أَدَّى الْكَفِيلُ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ بِأَمْرِهِ.
رَجُلٌ دَفَعَ إلَى صَبِيٍّ مَحْجُورٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ فَقَالَ لَهُ أَنْفِقْهَا عَلَى نَفْسِك فَجَاءَ إنْسَانٌ وَضَمِنَ لِلدَّافِعِ هَذِهِ الْعَشَرَةَ لَا يَصِحُّ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ عَنْ الصَّبِيّ مَا لَيْسَ بِمَضْمُونٍ عَلَيْهِ وَلَوْ ضَمِنَ قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى الصَّبِيِّ فَقَالَ ادْفَعْ إلَى هَذَا الصَّبِيِّ هَذِهِ الْعَشَرَةَ عَلَى أَنِّي ضَامِنٌ لَك عَنْهُ بِهَذِهِ الْعَشَرَةِ صَحَّ ذَلِكَ وَيَكُونُ الضَّامِنُ مُسْتَقْرِضًا لِلْعَشَرَةِ مِنْ الدَّافِعِ آمِرًا لَهُ بِدَفْعِهَا إلَى الصَّبِيِّ وَيَصِيرُ الصَّبِيِّ نَائِبًا عَنْهُ فِي الْقَبْضِ أَوَّلًا وَكَذَلِكَ الصَّبِيُّ الْمَحْجُورُ إذَا بَاعَ شَيْئًا وَقَبَضَ الثَّمَنَ فَجَاءَ إنْسَانٌ وَكَفَلَ لِلْمُشْتَرِي بِالدَّرَكِ إنْ كَفَلَ بَعْدَ مَا قَبَضَ الصَّبِيُّ الثَّمَنَ لَا تَصِحُّ كَفَالَتُهُ، وَإِنْ كَفَلَ قَبْلَ ذَلِكَ صَحَّتْ الْكَفَالَةُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَانَ أَخْرَسُ يَكْتُبُ وَيَعْقِلُ وَكَتَبَ كَفَالَةً عَلَى نَفْسٍ بِنَفْسٍ، أَوْ مَالٍ، أَوْ كَفَلَ لَهُ رَجُلٌ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَقَبِلَ هُوَ فِي كِتَابٍ فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
كَفَلَ بِرُطَبٍ وَقَضَى بِالْقِيمَةِ عَلَى أَصِيلِهِ لِانْقِطَاعٍ، أَوْ أَنَّهُ بَقِيَ عَلَى الْكَفِيلِ عَيْنُ الرُّطَبِ وَلَا يَتَحَوَّلُ عَنْهُ لِعَدَمِ الْمُغَيِّرِ، وَإِنْ أَخَذَ الْقِيمَةَ مِنْ الْأَصِيلِ بَرِئَ الْكَفِيلُ، وَإِنْ أَدَّى الرُّطَبَ رَجَعَ عَلَى الْأَصِيلِ كَذَا فِي الْكَافِي.
الْمَرِيضُ مَرَضَ الْمَوْتِ إذَا كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يُحِيطُ بِمَالِهِ فَالْكَفَالَةُ بِكُلِّهَا بَاطِلَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ جَازَتْ الْكَفَالَةُ بِقَدْرِ الثُّلُثِ، وَإِنْ كَفَلَ لِوَارِثٍ، أَوْ عَنْ وَارِثٍ لَا يَصِحُّ أَصْلًا، وَإِنْ كَفَلَ الْمَرِيضُ عَنْ رَجُلٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَلَا دَيْنَ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقَرَّ بِدَيْنٍ يُحِيطُ بِمَالِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، ثُمَّ مَاتَ الْكَفِيلُ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ أَوْلَى بِتَرْكِهِ الْكَفِيلَ مِنْ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَإِنْ كَانَتْ تَرِكَتُهُ أَكْثَرَ مِنْ الدَّيْنِ الَّذِي أَقَرَّ بِهِ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ تَخْرُجُ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ الدَّيْنِ صَحَّتْ كُلُّهَا، وَإِنْ لَمْ تَخْرُجْ كُلُّهَا مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ صَحَّتْ بِقَدْرِ ثُلُثِ مَا بَقِيَ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
سُئِلَ عَمَّنْ ضَمِنَ مَالَ الْإِجَارَةِ، ثُمَّ انْفَسَخَتْ وَتَعَاقَدَا عَقْدًا جَدِيدًا بِذَلِكَ الْمَالِ قَالَ لَا يَبْقَى كَفِيلًا كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ.
رَجُلٌ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ مُؤَجَّلٍ وَطَلَبَ بِالدَّيْنِ مِنْ الْمَدْيُونِ كَفِيلًا فَالْقَاضِي لَا يُجْبِرُهُ عَلَى إعْطَاءِ الْكَفِيلِ فِي ظَاهِرِ رِوَايَةِ أَصْحَابِنَا وَذَكَرَ فِي الْمُنْتَقَى أَنْ يُطَالِبَهُ بِإِعْطَاءِ الْكَفِيلِ، وَإِنْ كَانَ الدَّيْنُ مُؤَجَّلًا وَذَكَرَ بَعْدَ هَذَا أَنَّ فِي الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ لَوْ أَخَذَ الْقَاضِي كَفِيلًا مِنْ الْخَصْمِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَغِيبَ يَنْفُذُ اسْتِدْلَالًا بِالْمَرْأَةِ إذَا طَالَبَتْ الْكَفِيلَ بِنَفَقَتِهَا عِنْدَ إرَادَةِ الزَّوْجِ السَّفَرَ فَالْقَاضِي يَأْخُذُ مِنْهُ كَفِيلًا بِنَفَقَةِ شَهْرٍ عِنْدَ أَبِي يُوسُف رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى اسْتِحْسَانًا رِفْقًا بِالنَّاسِ قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ فِي وَاقِعَاتِهِ الْفَتْوَى فِي مَسْأَلَةِ النَّفَقَةِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رِفْقًا بِالنَّاسِ فَفِي سَائِرِ الدُّيُونِ لَوْ أَفْتَى مُفْتٍ بِذَلِكَ كَانَ حَسَنًا رِفْقًا بِالنَّاسِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
إذَا كَفَلَ رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ عَلَيْهِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ الْكَفِيلُ، وَالْمَكْفُولُ لَهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ فَأَقَرَّ الْكَفِيلُ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَادَّعَى الْمَكْفُولُ لَهُ عِشْرِينَ دِينَارًا وَأَقَرَّ الْمَكْفُولُ عَنْهُ بِكُرِّ حِنْطَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ، وَالْمَكْفُولِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ يَحْلِفُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَإِنْ حَلَفَا بَرِئَا عَنْ الدَّعْوَى، وَإِنْ حَلَفَ أَحَدُهُمَا وَنَكَلَ الْآخَرُ فَاَلَّذِي نَكَلَ يَلْزَمُهُ، وَاَلَّذِي يَحْلِفُ يَبْرَأُ عَنْ الْغُرْمِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
لَوْ قَالَ الْآخَرُ كُنْتُ كَفَلْتُ لَك بِالدَّيْنِ الَّذِي لَك عَلَى فُلَانٍ إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَ الشَّهْرِ لَا فَأَنَا بَرِيءٌ مِنْ الْمُطَالَبَةِ وَقَالَ صَاحِبُ الْمَالِ بَلْ تَكَلَّفْت بِأَنْ لَا أُطَالِبَك إلَى شَهْرٍ وَبَعْدَ الشَّهْرِ أُطَالِبُك بِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُ الْكَفِيلِ كَذَا فِي التَّتَارْ خَانِيَّةِ.
إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِغَيْرِهِ كَفَلْتُ لَك بِنَفْسِ فُلَانٍ وَلَمْ يَكُنْ الْمَكْفُولُ لَهُ يَدَّعِي عَلَى الْمَكْفُولِ بِهِ شَيْئًا فَالْكَفَالَةُ جَائِزَةٌ وَيُجْعَلُ فِي حَقِّ الْكَفِيلِ حُضُورُ الْمَكْفُولِ بِهِ مَجْلِسَ الْحُكْمِ مُسْتَحَقًّا عَلَيْهِ لِلطَّالِبِ فَتَكُونُ الْكَفَالَةُ وَاقِعَةً بِحَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَى الْأَصِيلِ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ، وَالْمُدَّعِي وَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ كَفَلَ عَنْ رَجُلٍ بِمَالٍ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ يُنْكِرُ الْمَالَ؛ لِأَنَّ الْمَالَ وَاجِبٌ فِي زَعْمِ الْكَفِيلِ، وَالْمُدَّعِي فَإِنْ خَاصَمَ الطَّالِبُ الْكَفِيلَ بِالنَّفْسِ إلَى الْقَاضِي فَقَالَ الْكَفِيلُ إنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ قِبَلَ الْمَكْفُولِ بِهِ فَالْقَاضِي لَا يَلْتَفِتُ إلَى قَوْلِهِ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
رَجُلٌ أَمَرَ رَجُلًا أَنْ يَقْضِيَ الْمَأْمُورَ دَيْنَهُ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَامْتَنَعَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْقَضَاءِ لَا يُجْبَرُ إلَّا إذَا قَبِلَ وَكَفَلَ فَحِينَئِذٍ يُجْبَرُ عَلَى الْقَضَاءِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
فِي الْمُنْتَقَى رَجُلٌ قَضَى رَجُلًا أَلْفَ دِرْهَمٍ فِي كِيسٍ فَخَافَ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ الْأَلْفِ فَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ مَا نَقَصَ مِنْ الْأَلْفِ فَوَجَدَهَا وَافِيَةً إلَّا أَنَّهَا زُيُوفًا فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَوْ أَنْفَقَهَا لَمْ يَرْجِعْ بِشَيْءٍ، وَفِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَضْمَنُ أَلْفًا جِيَادًا وَيَرُدُّ الزُّيُوفَ عَلَى الْغَرِيمِ.
إذَا كَانَ الدَّيْنُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَكَفَلَ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ لِشَرِيكِهِ بِحِصَّتِهِ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ، وَإِذَا كَانَ لِامْرَأَةٍ عَلَى زَوْجِهَا أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ صَدَاقِهَا فَكَفَلَ لَهَا رَجُلٌ عَنْ الزَّوْجِ، ثُمَّ مَاتَتْ الْمَرْأَةُ فَوَرِثَهَا زَوْجُهَا وَأَخُوهَا فَإِنَّهُ يَبْرَأُ الْكَفِيلُ مِنْ النِّصْفِ وَبَقِيَ كَفِيلًا بِنِصْفِ الْأَخِ.
وَإِذَا ادَّعَى مُسْلِمٌ عَلَى مُسْلِمٍ مَالًا وَجَحَدَهُ وَادَّعَى الطَّالِبُ كَفَالَةَ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ عَنْهُ بِالْمَالِ بِأَمْرِهِ وَجَحَدَهُ الْكَفِيلُ فَشَهِدَ لَهُ بِذَلِكَ ذِمِّيَّانِ جَازَتْ شَهَادَتُهُمَا عَلَى الذِّمِّيِّ وَلَمْ تَجُزْ عَلَى الْمُسْلِمِ حَتَّى لَوْ ادَّعَى الْكَفِيلُ الْمَالَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْأَصِيلِ هَكَذَا ذَكَرَهُ فِي عَامَّةِ رِوَايَاتِ كَفَالَةِ الْأَصْلِ وَذُكِرَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ هَذِهِ الشَّهَادَةُ أَصْلًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
الْكَفِيلُ بِالنَّفْسِ، أَوْ الْمَالِ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ عُهْدَةِ الْكَفَالَةِ بِحَضْرَةِ الْمَكْفُولِ لَهُ، وَالْمَكْفُولُ عَنْهُ لَا يَخْرُجُ وَيَبْقَى كَفِيلًا كَمَا كَانَ، وَالْوَكِيلُ إذَا أَخْرَجَ نَفْسَهُ عَنْ الْوَكَالَةِ بَيْنَ يَدَيْ الْمُوَكِّلِ يَخْرُجُ عَنْ الْوَكَالَةِ وَأَشَارَ فِي كِتَابِ الْحِيَلِ إلَى أَنَّ لَهُ أَنْ يُخْرِجَ نَفْسَهُ عَنْ الْكَفَالَةِ وَصُورَةُ مَا ذَكَرَ ثَمَّةَ إذَا كَانَ لِلرَّجُلِ عَلَى رَجُلٍ مَالٌ مُؤَجَّلٌ، أَوْ مُنَجَّمٌ قَالَ رَجُلٌ لِلطَّالِبِ إذَا حَلَّ مَا لَك عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ لَك بِنَفْسِهِ، أَوْ قَالَ كُلُّ مَا لَك نَجْمٌ مِنْ هَذِهِ النُّجُومِ عَلَى فُلَانٍ فَأَنَا كَفِيلٌ بِنَفْسِهِ لَك عِنْدَ كُلِّ نَجْمٍ، ثُمَّ أَرَادَ الْكَفِيلُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْكَفَالَةِ قَبْلَ حُلُولِ الْمَالِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا قَبْلَ حُلُولِ الْمَالِ فَهَذَا إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْمَالَ لَوْ كَانَ حَالًّا لَهُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْكَفَالَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَالْكَفَالَةُ، وَالرَّهْنُ جَائِزَانِ فِي الْخَرَاجِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ قِيلَ الْمُرَادُ بِهِ الْخَرَاجُ الْمُوَظَّفُ كَذَا فِي الْكِفَايَةِ، وَأَمَّا النَّوَائِبُ فَإِنْ أَرَادَ بِهَا مَا يَكُونُ بِحَقٍّ كَكَرْيِ النَّهْرِ الْمُشْتَرَكِ لِلْعَامَّةِ وَأَجْرِ الْحَارِسِ لِلْمَحَلَّةِ، وَالْمُوَظَّفِ لِتَجْهِيزِ الْجَيْشِ، وَفِي حَقِّ فِدَاءِ الْأَسَارَى إذَا لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِ الْمَالِ شَيْءٌ فَالْكَفَالَةُ بِهِ جَائِزَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أُرِيدَ بِهَا مَا لَيْسَ بِحَقٍّ كَالْجِبَايَاتِ الْمُوَظَّفَةِ فِي زَمَانِنَا عَلَى الْخَيَّاطِ، وَالصَّبَّاغِ وَغَيْرِهِمَا لِلسُّلْطَانِ فِي كُلِّ يَوْمٍ أَوْ شَهْرٍ فَإِنَّهَا ظُلْمٌ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ فِي صِحَّةِ الْكَفَالَةِ بِهَا كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ وَالْفَتْوَى عَلَى الصِّحَّةِ كَذَا فِي شَرْحِ الْوِقَايَةِ وَمِمَّنْ يَمِيلُ إلَى الصِّحَّةِ الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَلِيٌّ الْبَزْدَوِيُّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَقَالَ النَّسَفِيُّ وَشَمْسُ الْأَئِمَّةِ وَقَاضِي خَانْ مِثْلَ قَوْلِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّهَا فِي حَقِّ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ فَوْقَ سَائِرِ الدُّيُونِ، وَالْعِبْرَةُ فِي بَابِ الْكَفَالَةِ لِلْمُطَالَبَةِ؛ لِأَنَّهَا شُرِعَتْ لِالْتِزَامِهَا وَلِهَذَا قُلْنَا إنَّ مَنْ قَامَ بِتَوْزِيعِ هَذِهِ النَّوَائِبِ بِالْقِسْطِ يُؤْجَرُ، وَإِنْ كَانَ الْآخِذُ فِي الْأَخْذِ ظَالِمًا كَذَا فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.